أهلاً بكم في موقعي الإلكتروني

اسمي هو د.توماس توروك، أنا عالم تغذية من كندا. مهمتي هي محاربة وباء السمنة العالمي. السمنة هي طاعون الألفية الجديدة، منذ بداية القرن العشرين، أودت السمنة بحياة الكثيرين، أكثر من جميع الحروب وأحداث العنف والديكتاتوريات مجتمعة، بما في ذلك الحرب العالمية الأولى والثانية وحروب الإبادة الجماعية والحروب الأهلية والمجاعات التي هي من صنع الإنسان والشيوعية. الغالبية العظمى من الأمراض المنتشرة في وقتنا هذا مثل مرض السكري من النوع الثاني وأمراض القلب والسكتة الدماغية والسرطان والتهاب المفاصل وغيرها الكثير، والتي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالسمنة. الصفة المشتركة والشائعة بين هذه الأمراض هي أنها أمراض تتأثر بشكل أساسيّ بنمط حياتنا، وفي كثير من الحالات، يمكن الوقاية منها ببساطة عن طريق اعتماد نمط حياة صحي.

الوباء العالمي

منذ السبعينيات، ازداد عدد المصابين بالسمنة في الولايات المتحدة ثلاثة أضعاف: الآن، 36% من الأمريكيين مصابون بالسمنة. كندا والدول الأوروبية أظهرت معدلات مشابهة للإصابة بالسمنة. ظاهرة السمنة ليست مقتصرة فقط على الدول الصناعية. مع بداية الألفية الجديدة، أصبحت السمنة وباءً عالمياً. حتى في الدول النامية التي واجهت شح المواد الغذائية قبل عقود، تزداد أعداد المصابين بالسمنة بشكل مقلق. يبدو كأننا خسرنا المعركة ضد السمنة، لماذا؟

ما الذي يسبب السمنة؟

من أجل الإجابة على هذا السؤال المعقد جداً، يجب علينا أن ننظر في البداية الى الطريقة التي يصف فيها الاتجاه السائد للعلم مرض السمنة. على الرغم من أن العديد من الفرضيات وُضعت لتفسير أسباب السمنة، إلا أن نموذج السعرات الحرارية الداخلة – السعرات الحرارية المستهلكة هو الأكثر شهرة بين الباحثين وأخصائيي الرعاية الصحية. منظمة الصحة العالمية (WHO) ليست استثناءً من ذلك. كما يقول الموقع الإلكتروني لمنظمة الصحة العالمية: "السبب الرئيسي للسمنة وزيادة الوزن هو اختلال في تنظيم الطاقة بين السعرات الحرارية المتناولة والسعرات الحرارية المستهلكة."

بحسب نموذج السعرات الحرارية الداخلة – السعرات الحرارية المستهلكة، إن المواد الغذائية التي يتم امتصاصها من الطعام (السعرات الحرارية الداخلة) تستخدم للحفاظ على الوظائف الأساسية للجسم، وللنمو، والأنشطة البدنية...إلخ (السعرات الحرارية المستهلكة). الطاقة التي تزيد عن حاجة الجسم سيتم تخزينها على شكل دهون (توازن طاقة إيجابي). إذا كان إنفاق الطاقة أكبر من الطاقة التي يحصل عليها الجسم، فإن هذا الفرق في الطاقة سيتم تعويضه باستهلاك دهون الجسم (توازن طاقة سلبي). بكلمات أخرى، إذا تناولت الكثير من الطعام، ومارست القليل من التمارين البدنية، فإنك ستصبح سميناً عاجلاً أم آجلاً. على النقيض، إذا أردت أن تخسر الوزن، الأمر الوحيد الذي عليك فعله هو تقليل حجم وجباتك أو القيام ببعض الأنشطة البدنية. هكذا سيكون توازن الطاقة سلبياً وسنبدأ مباشرة بخسارة الوزن. سأشرح في الأسفل لماذا لا تنجح هذه الطريقة في الحقيقة.

المدافعون عن نموذج السعرات الحرارية الداخلة – السعرات الحرارية المستهلكة غالباً ما يشيرون إلى القانون الأول في الديناميكا الحرارية: الطاقة لا تفنى ولا تستحدث. هذا معقول جداً، ولكن هل الأمر بهذه البساطة؟ القانون الأول في الديناميكا الحرارية صحيح بلا شك، فهو أحد قوانين الطبيعة الأساسية. ولكنه لا صلة له بالسمنة. هذا النموذج يفترض أن مقدار السعرات الحرارية التي نتناولها لا يؤثر على إنفاقها. العديد من أولئك الذين يتبعون حمية ذات سعرات حرارية قليلة يشعرون بالبرد طوال الوقت، ذلك لأن الجسم يستجيب لقلة السعرات الحرارية من خلال إبطاء معدل الأيض الأساسي والتحول إلى وضع حفظ الطاقة. على الناحية الأخرى، من المحتمل أنك شعرت بحرارة شديدة بعد وجبة كبيرة في العطلة، ذلك لأن الجسم ينتج حرارة أكثر من خلال السعرات الحرارية الفائضة. بكلمات أخرى، تناول سعرات حرارية أكثر يؤدي إلى إنفاق سعرات حرارية أكثر، وتناول سعرات حرارية أقل، يؤدي إلى إنفاق سعرات حرارية أقل.

يقول الاتجاه السائد لعلم التغذية: "السعرة الحرارية هي ذاتها في أي طعام". دعنا نلقي نظرة على ما هو خطأ في أكثر خرافات علم التغذية شهرة. ماذا سيحدث إذا حرقنا 100 سعرة حرارية من السكر أو 100 سعرة حرارية من الملفوف الطازج في بيئة مختبرية؟ كما هو متوقع، سينتج كل منهما نفس المقدار من الحرارة. أنت على الأغلب تعرف مقولة "السعرة الحرارية هي ذاتها في أي طعام". إنها صحيحة 100% عند استخدام مسعر القنبلة كما يقوم علماء الطعام. ولكن هذين الصنفين من الطعام لهما تأثير مختلف جداً على معدل الأيض عند الإنسان. مئة سعرة حرارية من السكر، والتي هي فقط ملعقتان من سكر المائدة لها تأثير في التسبب بالسمنة أكبر بكثير من مئة سعرة حرارية من الملفوف، والذي هو نصف ملفوفة كاملة! ليست كل السعرات الحرارية متساوية. نموذج عد السعرات الحرارية لا يعطي تفسيراً كاملاً للسمنة. بجانب السعرات الحرارية، هناك عوامل أخرى أيضاً، مثل المواد الغذائية، الصيام، الهرمونات، الجينات، نمط الحياة وحتى المدة الزمنية التي كانت مصحوبة بالإصابة بالسمنة؛ هذه العوامل كلها لها تأثير كبير على وزنك. السعرات الحرارية التي نتناولها هي فقط واحد من عدة عوامل تتحكم في المعادلة.